محفزات التميز المؤسسي
كما هي البلازما ( سائل الحياة ) للجسد البشري الذى لا يستطيع أن ينمو بدونه ، أيضاً هي المُحفزات للجهات الحكومية .
فمحفزات التميز – وفقاً لدليل منظومة التميز الحكومي ( GEM2.0 ) والصادر من برنامج الشيخ خليفة للتميز الحكومي – لا يمكن للجهات الحكومية الاستمرار بدونها لتمدها بمقومات التميز وأدوات الريادة من خلال الحفاظ على توازن تلك الجهات .
جاءت مُحفزات التميز المؤسسي لتقوم بدور فاعل ومؤثر في الانتقال بأداء الجهات الحكومية من مرحلة التميز لمرحلة الريادة
وأصدقكم القول ومن خلال تجاربي في تأهيل سفراء وقيادات التميز المؤسسي أن استحداث ودمج محفزات التميز ضمن إطار منظومة التميز الحكومي ( GEM2.0 ) كان هو أكثر ما يميزها عن نماذج أخرى للتميز سواء على المستوى الإقليمي أو الدولي .
حيث قامت المنظومة الجديدة بوضعها ضمن محاور التقييم ، فبعد أن كان التقييم يشمل فقط القدرات والنتائج ، تم استحداث المحور الثالث وهو المحفزات ، والتي بات من الضروري دمجها ضمن آليات العمل المؤسسي .
ولإدراك كيف يمكن أن تعمل المحفزات ضمن المنظومة ولفهم أهميتها فلنتخيل أن إحدى الهيئات أو الجهات قد قررت أن تتميز وأن تضع نفسها في مكانة النخبة لتصعد في حفل التكريم وتُتوج بإحدى جوائز التميز .
تلك الجهة تحتاج إلى أن تُطبق معايير التميز التي أتت بها المنظومة ، وتدمج تلك المعايير بمهامها الرئيسية وأهدافها وحتى عملياتها وخدماتها .
هل يمكن يا سادة أن نتخيل كيف لتلك الجهة أن تتميز في معيار مثل تحسين جودة الحياة أو التمكين الذكي أو الخدمات الاستباقية المترابطة أو حتى أي من المعايير الأخرى وهي تؤدي نفس المهام بنفس النمط التقليدي والجمود المُعتاد ؟
كيف يمكن أن تتميز دون أن تعي ـأن هناك مُتغيرات مُتسارعة على كافة الأصعدة ، وأن تلك المتغيرات حتماً ستنال من تلك الجهة سواء سلباً أ, إيجاباً .
إذاً لما الانتظار ؟
التغيير قادم والمتغيرات المستقبلية ستحمل لك إما فرصة ينبغي عليك أن تكون قادراً على اقتناصها فتحقق الريادة ، أو خطراً فتكون جاهزاً للتعامل معه .
هنا اخترت كقائد لمؤسستك أو فريقك أن ترسم مستقبل المؤسسة عبر الاستباقية دائماً في التعامل مع متغيرات المستقبل دون أن تترك المؤسسة لأن تكون في محل إعراب مفعول به في جملة تلك المُتغيرات .
إذاً هي الاستباقية أولى مُحفزات التميز المؤسسي والتي تساهم في أن تقدم الجهة نموذج ريادي يُحتذى به ، بل وقد يُشكل أيضاً – بل مؤكد – مساهمة فاعلة في أن تحتل الدولة مكانة ريادية .
تطرقنا للاستباقية كأحد محفزات التميز المؤسسي ، أُحدثكم الآن عن المحفز الثاني وهو المرونة
ولفهم المرونة وكيف تعمل ، نتخيل سوياً أن جهة ما تقدم خدماتها بشكل متميز يسعد المتعاملين بل ويفوق توقعاتهم أيضاً ، وفجأة حدث متغير ما – أزمة أو كارثة أو أي طارئ قد حدث – ولم تكن لتلك الجهة أي آليات للتعامل مع تلك الأزمة ( حدث هذا فعلياً أثناء جائحة كوفيد- 19 )
قد تتوقف العمليات الرئيسية أو حتى تتعطل ، قد يتوقف تقديم الخدمات للمتعاملين أو حتى يتباطأ معدلها الزمني ووقت الحصول عليها ، وهذا بلاشك له الأثر الأكبر على انطباعات المتعاملين وفيما يحصلون عليه من خدمات ذات قيمة نوعية تُلبي احتياجاتهم .
ينبغي أن تكون هناك ضمانة لاستمرارية الأعمال وتقديم الخدمات . ينبغي توفير آلية واضحة تضمن حد أدنى من التكيف مع المتغيرات والأزمات . ويتعين أيضاً أن يكون هناك سرعة وقدرة عالية على الاستجابة لها .
تلك هي المرونة ، والتي تُشكل المحفز الثاني من ضمن مُحفزات التميز المؤسسي
مرونة في كل شيء ، في العمليات والخدمات وكل نماذج العمل المؤسسية .
نذهب إلى المحرك الرئيسي وهو الابتكار ، كمحفز ثالث و رئيسي يعمل بطريقة تفاعلية مع المرونة والاستباقية
لكن أين وكيف ومتى يكون الابتكار ؟
الابتكار في كل شيء ، في العمليات والخدمات الابتكار في نماذج العمل .
ثم سؤال وبصراحة ؟ كيف يمكن أن نطالب الجهة الحكومية وفرق العمل بأن يكون لديهم استجابة ومرونة للمتغيرات دون أن تكون هناك أدوات مبتكرة تساهم في التكيف مع تلك المتغيرات ؟
الابتكار ياسادة هو المحفز الفعال والمحرك الأول لابتكار خدمات جديدة ، واستحداث أدوات مؤسسية تليق بمكانة جهة تتوق لمكانتها الحقيقية التي تليق بها وسط النخبة ، إن لم تكن هي الجهة الرائدة .
الابتكار ينبغي أن يتحول من مجرد معيار ، يترك فيه الباب موارباً لكل من يريد أن يطبقه بمفهومه الفردي ، إلى نهج مؤسسي يستدعى وجود قادة للابتكار وسياسات ونظم وأدلة بل ومختبرات تدعم بيئة إيجابية تشجع على الابتكار .
انتهت مقالتي ، حدثتكم عن المحفزات ، وضحت أهميتها لكن…….
اقترب موعد التقييم للعديد من الجهات الحكومية سواء بالجوائز الداخلية او الحكومية ، والمحفزات التي ذكرتها تشكل محوراً هاماً بالتقييم يزن مامقدراه 20% من درجات التقييم .
اقتربت ساعة التقييم ، فهل أنت مُستعد ؟؟؟؟؟؟